سلسلة العذر بالجهل لبعض مسائل التسيير المالي و الممتلكات و المستخدمين , غير مسموح بها و لا يعذر المسير المتجاهل (متعمد) لبعض الأخطاء التي يرتكبها في حق الموظف و المال العام الجزء 2
هام: المسير ليس بالضبط الآمر بالصرف أو المدير و لكن كل موظف كلف بمهام
معينة فيها مصالح العباد و البلاد.(الحلقة الثانية) و هي من
أخطر الأخطاء المشاعة في بعض المؤسسات و القطاعات: عدم معرفة مبلغ المواد و
اللوازم التي يجب أن تسجل إجباريا في سجل الجرد. سبب التطرق لهذا الموضوع و الإلحاح عليه رغم بساطته
هو تجاربي في تأطير تكوينات لصالح موظفين في مؤسسات و قطاعات أخرى في الديوان
الوطني لتحسين التكوين المستمر و تطويره بالرويبة (الجزائر) أو في مهمات في عدة
ولايات و خاصة عندما أتطرق لموضوع تسيير الممتلكات المنقولة و غير المنقولة. التذكير بالقواعد التي يجب أن
نسير عليها في تحليل الموضوع: الهيئة الرسمية التي تقنن في مجال تسيير الممتلكات
هي المديرية العامة لأملاك الدولة و التابعة لوزارة المالية فقط. الأخطاء المرتبكة في هذا الشأن: كنت قبل أن أبدأ موضوع التكوين أسأل الموظفين لأختبر درجة اندماجهم و الذين هم
من المفروض مختصين في هذا الميدان: ما هو المبلغ المحدد قانونيا الواجب العمل به
لتسجيل المواد و اللوازم المقتناة أو الموهوبة في سجل الجرد من طرف مؤسستكم؟كانت الإجابات متنوعة و متفرقة غير مضبوطة و البعض يشك في إجابته (يعني غير
متيقن بها) و الأغلبية تسكت خوفا من الوقوع في الخطأ.طرح الإشكالية: لماذا
هناك أراء متضاربة في تحديد المبلغ المالي الواجب معرفته لتسجيل كل المواد و
اللوازم المشتراة أو المحولة transféré أو الموهوبةdes dons في سجل الجرد عند بعض القطاعات أو المؤسسات
التابعة لها رغم وجود النصوص القانونية، و ما هي النتائج المترتبة عن عدم التحكم
في هذا الموضوع؟ قبل الرد على الإشكالية يجب أن أشير إلى بعض المراجع القانونية حسب
أولويتها سواء القديمة أم الحديثة.المراجع المقترحة (لا على سبيل الحصر):-القرار المؤرخ
في 01/02/1992 يحدد مبلغ قيمة الشراء للأشياء غير القابلة للاستهلاك بالاستعمال
الأولي و لا للجرد،-مراسلة
وزارة المالية رقم 8654 مؤرخة في 01/09/2009 يحدد مبلغ قيمة الشراء للأشياء غير
القابلة للاستهلاك بالاستعمال الأولي و لا للجرد،-مراسلة رقم
6282 مؤرخة في 17/06/2010 رد على استفسار حول جرد المواد الاستهلاكية عند
الاستعمال الأول. الشرح القرار
الوزاري الصادر في 01/02/1992 عن وزارة المالية (أنظر الجريدة الرسمية رقم 41 لسنة
1992) و الذي يعد أخر نص قانوني رسمي الذي حدد هذا المبلغ و لم يأتي بعده أي تعديل
(و أتحدى أي شخص يأتي بنقيض ذلك) بين أن المواد أو اللوازم التي يجب أن تسجل
إجباريا في سجل الجرد الذي يعد سجل قانوني واجب اتخاذه في كل مؤسسات الجمهورية
الجزائرية الديمقراطية الشعبية و الذيجاء
تبيين نموذجشكله في قرار مؤرخ في
21/07/1987 يضبط المنوال النموذجي لسجل جرد المنقولات، يكون حسب الشرطين المجتمعين
التاليين: أولا: لابد أن
تكون الأشياء المشتراة أدوات، مواد، لوازم لا تستهلك بالاستعمال الأولي non
consommable par premier usageو سنعطي مثال توضيحي ثانيا: لا بد أن تكون القيمة الوحدوية prix
unitaire لهذه المواد أو اللوازم أو الأدوات تفوق
300 دج (ثلاثمائة دينار جزائري). مثال توضيحي 1: شراء كيس
إسمنت مبلغه 750 دج هل يسجل في سجل الجرد؟: الجواب لا رغم أن مبلغه تعدى (300 دج)إلا أنه لا يتوفر
على الشرط الأولى فكيس الأسمنت عندما يفتح يستهلك للمرة الأولى و لا يمكن إعادة
استعماله مرات أخرى، و قس عليه ذلك (قماش، رزمة الأوراق،....ألخ)إذن هذه المادة لا يجب تسجيلها في سجل الجرد. مثال توضيحي 2: شراء مقص ciseaux ثمنه 250 دج، هل يسجل في سجل الجرد؟ لنطبق عليه الشرطين المذكورين أعلاه في القرار الوزاري
المؤرخ في 01/02/1992 بالنسبة لكونه غير مستهلك بالاستعمال الأولي فالشرط
متوفر في هذه الأداة المقص، لأنه عندما يشترى يمكننا استعماله عدة مرات و لا موعد
محدد لعدم صلاحيته،غير أن الشرط الثاني غير متوفر إذ أن القيمة الوحدوية
لشراءه لا تتعدى المبلغ المحدد قانونيا
(لازم تفوق 300 دج).الخلاصة: أكرر لكي تسجل الأشياء (الأدوات، اللوازم،
العتاد) في سجل الجرد يجب أن تتوفر فيها الشرطين:-أن تكون
الأشياء غير مستهلكة بالاستعمال الأولي،-و أن تقوم
قيمة شراءها الوحدوية تفوق 300 دج النتائج المترتبة عن جهل هذا الموضوع:إن النتائج المترتبة عن جهل أو تجاهل هذا الموضوع وخيمة
جدا على الاقتصاد الوطني بالأرقام مليارات و هذا جانب من الفساد الذي يشترك فيه كل
من وكل بذلك عن قصد أو عن جهل .و إن كنت لا تعلم فتلك
مصيبة +++++و إن كنت تعلم فالمصيبة أعظماحسب معي كم
أدات أو لوازم لم يتم تسجيلها في سجل الجرد و بالتالي أصبحت من المواد المستهلكة التي
يتم اخراجها من المخزن عدة مرات لتستعمل شخصيا كما يحدث في واقعنا (و هي بالمفهوم
الشرعي و القانوني سرقة)و كم من عمليات شراء تتم بطريقة غير رشيدة و تهتك
ميزانيات تسيير المؤسسات على حساب نفقات ضرورية أخرى و هذا بحث يطول سنخصص له حلقة
بعنوان دور عملية الجرد و تقنيات الجرد في قمع الفساد.إن السبب الرئيسي لعدم إتقان هذا الموضوع هو اللامبالاة،
و الروح السلبية التي تطغى على بعض الموظفين و انعدام الضمير الخلقي و المهني و
نقص روح المسؤولية لأسباب واهية باطلة شرعا و عقلا و قانونا و هي أعذار كما يقال
في المثل العربي (رب عذر أقبح من ذنب) و التي تدور في النقاط التالية: -واش دخلني
ياخي مال البايلك،-الناس سرقت
ملايير و أنت تتكلم على 300 دج،-البلاد راحت،-و غيرها من
أعذار معذرة قبيحة من كل الجوانب.و لأذكر نفسي و غيري أن مثل هذه السلوكيات لا تمت لا
لديننا الحنيف و لا لأعرافنا و قيمنا و لا للوطنية و التحضر بتاتا.و قد يقول بعضكم: واش بيك تلعبها و لا بعض العبارات التي
استحي أن أكتبها فأقول كما رسول الله صل الله عليه و سلم(الدين نصيحة، قلنا لمن يا
رسول الله، قال: لله و لرسوله و للأئمة المسلمين و عامتهم) الحديث صحيح فمن الشرع الحنيف أذكر دليل واحد فقط و هو أوامر نبوية
فقال رسول الله صل الله عليه و سلم في حديث صحيح (أد الأمانة لمن ائتمنك، و لا تخن
من خانك) معناه كل من وكل بمهام و أعمال و أشغال فهي بمثابة أمانة يجب أداءها كما
يجب في كل الأحوال، و أن عدم الامتثال لذلك يعد بمثابة خيانة و أن الأخطاء
المتعمدة و عدم التفقه في المهنة و العمل (واجب) قد يدخل صاحبها في المحظور الشرعي
و أن المال المكتسب قد يدخله بعض الحرام هذا من جهة و هي الأهم.من جهة أخرى مثل هذه السلوكيات لا تمت للتحضر و الوطنية
و القيم الأخلاقية لأن هذا يعد من الفساد و الله تعالى نهانا عن ذلك و ذم المفسدين
و المبذرين، و ليس هكذا تبنى الأمم و ترتقي (بالزكارة و الإفساد) و حب الوطن كما
يفعله البعض الكثير ليس بالشعارات و الأقاويل و لكن بالقول و العمل و التضحية، و
ناس بكري قالوا: و لا ما ربحتش تسلك على خير (قول يصدقه الشرع و الواقع).-لا يجب أن
نحارب الفساد بفساد مثله و إلا دخلنا فيه جميعا قليله و كثيرة. الحلول المقترحة: -إعطاء أهمية
بالغة لموضوع تسيير الممتلكات المنقولة و غير منقولة خاصة في الجماعات المحلية و
المؤسسات الكبرى،-توظيف
مسؤولين يتمتعون بروح المسؤولية و الكفاءة،-تكوين و
تحسين مستوى الموظفين الشاغلين في هذا الميدان لأهمية الاستثمار في الموارد
البشرية،-الاهتمام
بالنصوص القانونية و تحيين المعلومات، - إعادة تحيين
السجلات الخاصة بتسيير الممتلكات لمواكبتها للإجراءات القانونية السارية المفعول،- إعطاء أهمية
بالغة لعملية الجرد،-ترشيد
النفقات في ضوء الأزمة الاقتصادية الحالية.و أخيرا الموضوع واسع و مهم جدا نظرا لخطورته على المال العام في ظل الظروف
الحالية لأن التبذير هو نوع من أنواع الفساد و لا كمية و لا كيفية تصغره أو تكبره
خاصة إذا علمنا أن (مصدر الجبال من الحجر الصغير) حبة حبة...تعطي جبال،
دينار...دينار...يعطي ملايير.إخواني الموظفين و المسيريين أليس منكم رجل رشيد يخاف الله رب العالمين و
يحمي وطنه و يحافظ على الأمانة الموكله له ؟
كتابة: عمر شنيوني (الورثيلاني)
الرويبة
(الجزائر) الجمعة 08 رمضان 1441 هـــ
الموافق ل 01 مايو 2020
تعليقات
إرسال تعليق